الشعب والملك ...و"الخطأ الفادح"

تسارعت وتيرة الأحداث بشكل لافت في المغرب على خلفية قضية البيدوفيل الإسباني دانيال غالفا بعد عفو ملكي تضاربت الآراء حوله بين من يقول أنه قرار سياسي أملته مصالح وطنية ومن يقول أنه خطأ إداري وتدبيري خارج عن إرادة الملك.

لا شك أن المؤسسة الملكية في المغرب تعيش هذه الأيام أحرج موقف لها تجاه الرأي العام منذ تقلد العاهل المغربي محمد السادس الحكم عام 1999 . قضية العفو عن مغتصب الأطفال الإسباني وما تلى ذالك من وقفات تنديدية ورد فعل قوات الأمن العنيف عكر مياه المشروع الديمقراطي في المغرب ووضع علامات إستفهام أمام مستقبل حقوق الإنسان في المملكة.
فمنذ أيام أصدر الملك المغربي بمناسبة عيد العرش عفوا ملكيا طال سجناء أسبان من بينهم دانيال غالفا اسباني من أصول عراقية مدان بالسجن 30 سنة بعد اغتصابه 11 طفلا بمدينة القنيطرة. قرار العفو كان ليمر مرور الكرام لولا أن أحدى الجهات الإعلامية نبهت لوجود "البيدوفيل" بين لائحة المعفو عنهم ليشتعل بذالك فتيل غضب الشارع المغربي وتصبح القضية قضية رأي عام داخل المملكة.


إنها المرة الثانية التي ينزل فيها المواطنون المغاربة إلى الشارع وفي غضون أقل من 3 سنوات. وان تعددت الأسباب فالمطلب واحد ... الكرامة
كانت المواجهة الأولى بين الحكم المغربي ومواطنين عام 2011 بعد وصول رياح الربيع العربي إلى المغرب وقتها تجاوب العاهل المغربي محمد السادس مع مطالب المجتمع المدني والحقوقي وطرح تعديلات دستورية جديدة تم الاستفتاء عليها ونالت "نعم" بنسبة عالية..
التعديل الدستوري أخمد نار الاحتجاجات في وقت قصير ليطلق الخبراء على تجربة "الربيع العربي المغربي" الثورة الهادئة. لكن قضية دانيال غالفا أو "دنيال غيت" كما تطلق عليها الصحافة المغربية أظهرت أن هدوء  الشارع المغربي بات قابلا للاشتعال في أية لحظة  ليتحول إلى غضب ومواجهة صريحة مع كافة مستويات السلطة وحتى مع الديوان الملكي اذا دعت الضرورة.

 

 

 

 

تجدر الإشارة ان الدستور المغربي الجديد لا يزال يحفظ لملك المغرب صلاحيات سياسية ودينية وعسكرية كبيرة تجعل منه رأس هرم السلطة في المغرب،فهو أمير المؤمنين وقائد القوات المسلحة المغربية. الدستور الجديد ألغى عبارة "الملك مقدس" لكنه لا يزال يعاقب بموجب بنوده التطاول على شخص الملك و النيل من هيبته كون شخص الملك "يتمتع بواسع الاحترام والتوقير"
من هذا المنطلق. يقر المراقبون أن الإلغاء الملكي لقرار عفو ملكي بضغط من الشارع يعد سابقة هي الأولى من نوعها في المغرب و يمهد لدخول المغرب منعطفا سياسيا واجتماعيا جديدين و توازن من نوع آخر على المستوى العلاقة التي تربط المؤسسة الملكية بالمواطن
إلى ذلك ما زالت أصوات العديد من الناشطين المغاربة على الفيسبوك وتويتر تندد بصمت الإعلام المغربي الرسمي إزاء ما حدث و غياب ردود فعل الأحزاب السياسية باعتبار ان العفو الملكي مسألة غير قابلة للنقاش. صمت ما فتئ أن يضع الكرة في ملعب الديوان الملكي الذي سارع إلى استصدار بلاغات ملكية الهدف منها التجواب مع صرخة الشارع و"فتح تحقيق معمق من أجل تحديد المسؤوليات ونقط الخلل التي قد تكون أفضت لإطلاق السراح، مع تحديد المسؤوليات والاختلالات التي أدت إلى إطلاق السراح هذا".

 

 

 

 

 


 تحمل قضية البيدوفيل الإسباني التي اهتز لها الرأي العام المغربي العديد من الدلالات السياسية والاجتماعية التي تؤكد ان صوت الشعب بات أقوى من أي صوت داخل المملكة  وان لوسائل الإعلام الحكومية  المغربية العاجزة عن نقاش بعض القضايا الحساسة إعلام بديل يتجلى في الإنترنت عبر المواقع الأخبارية الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.


وفي انتظار ما سيحل بدانيال غالفا الذي غادر المغرب إلى اسبانيا في ظرف قياسي بجواز سفر منتهية صلاحيته. لا يزال الملايين من المغاربة داخل وخارج المملكة يلتمسون المزيد من التوضيحات والتفسيرات الشفافة بخصوص قضية "دانيال غيت" التي كانت محط أنظار العديد من الجهات الحقوقية و الوسائل الإعلامية. العالمية منها قبل المغربية

Tags for all blogs :
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.